📌 هل أنت سعيد أم مستمتع❗️

دائماً ما كانت المشاعر والأحاسيس مستعصية على الوصف، فلا الحزن يمكن وصفه ولا السعادة يمكن قياسها. كل ما كتب من أبيات شعر ونثر إنما كانت ومازالت محاولات حثيثة لقياس ووصف ما لا يقاس ويوصف!

أقصى ما يمكن أن يحدث لنا في أقصى حالات السعادة هي أن تنعقد ألسنتنا، وفي أشد حالات الحزن تكون الدمعة هي الوصف الأمثل والوحيد الذي يعكس حالتنا النفسية.

ولو أخذنا السعادة والمتعة على سبيل المثال لوجدنا أنها تختلف اختلاف جذري فيما بينها، وإن كنت هنا لست داعياً للفلسفة ولو كنت مؤمناً بها أشد الإيمان. بل أنا أبسّط لك ولي الفروقات الشاسعة بين تلك المشاعر المبهمة حتى نكون أكثر نضجاً في طريقة تعاملنا معها، فكثير منها خادع !!

نسمع عن كثير من الأثرياء الذين تحصّلوا على كل ما يمكن أن يجعلهم سعداء من قصور مشيدة وسيارات ويخوت فارهة ومجوهرات فريدة وثمينة ولكنهم رغم كل ذلك يصفون حالهم بأنهم تُعساء، بل وينتهي الحال ببعضهم إلى الانتحار من فرط اكتئابهم.

فيما نجد على النقيض أشد الناس فقراً يصفون حالهم فيما إذا سألوا بأنهم في قمة السعادة !

ولعلي من هذا المدخل أضع يدك عزيزي القارئ على بعض من تلك الفروقات الجوهرية بين المتعة السعادة.

أبرز ما يمكن أن نصف فيه المتعة بأنها قصيرة. مقابل طول مدى السعادة وديمومتها لأنها أكثر استقرارًا ومتانة، مبنية على أسس صحيحة تتوافق والنفس البشرية. فالمتعة دائماً مرتبطة بالأمور الحسية الملموسة والسعادة أمر روحي أسمى من كل تلك الأمور المادية الملموسة. المتعة مقرونة دائماً بالأخذ والتملك أما السعادة فهي في العطاء. يمكنك أن تشعر بالمتعة من خلال شراء ساعة جديدة أو سيارة فارهة، ولكن امتلاك الأشياء بحد ذاته لا يشتري السعادة ويحققها. واحذر فالمتع المفرطة قد تقودك إلى الإدمان، متعة تنادي الأخرى في دوامة لا منتهية تقودنا نحو عزلة ذاتية عن من حولنا.

وهذا يقودنا إلى أن المتعة أمر فردي لا يشعر به سواك، أما السعادة فلا تتحقق إلى من خلال ومع الآخرين من حولك.

اعتمدت كبرى العلامات التجارية في سعيها الحثيث نحو المال في التلاعب بهذين المصطلحين وأوهمت الناس بأن الطريق نحو السعادة يعبر من خلال تلك المتع المتراصة واحدة تلوى الأخرى، المنتج تلو الآخر في سلسلة لا منتهية تقودنا إلى الإدمان والتعاسة لا محالة! !

والآن هل أنت سعيد أم مستمتع؟

https://www.alyaum.com/articles/6332088

نشر بصحيفة اليوم السعودية

الجمعة ٢٥ يونيو ٢٠٢١م

أضف تعليق